( الدكتورة / مونتسدات روفيرا )

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين

 

البطاقة الشخصية

 

مولدها ونشأتها : ولدت الدكتورة مونتسدات بمدينة " برشلونة " في أسبانيا ، وترعرعت في أحضان عائلة مسيحية ، تشرفت باعتناق مذهب أهل البيت (ع) خلال عقد الثمانينيات في بلادها ، وتسمت باسم " زينب " لاعجابها بالسيدة زينب بنت الامام علي (ع).

 

مرحلة الضياع الفكري والفراغ الديني : تقول الدكتورة مونتسدات : " قبل أن أهتدي للإسلام كنت أشعر دائما بأن شيئا ما ينقصني ، وكنت أحس بوجود حجب وموانع تمنعني من التقدم والتكامل ، وتعيقني من التقرب إلى الله الذي كنت اعتقد به على ضوء الديانة المسيحية ، وكانت أمنيتي أن أتخلص من هذه الحجب ، لأن النظرة المسيحية لله تعالى لم تكن مقنعة بالنسبة لي ، ولم أكن أتقبل مسألة التثليث ، وربوبية عيسى (ع) ، فكنت دوما أعيش في حيرة من أمر معتقداتي وأفكاري ، وكانت هذه الحيرة تحفزني للبحث والتساؤل ".

 

غموض عقيدة التثليث ، عند النصارى : في الحقيقة أن الباحث يجد أن الاضطراب سمة واضحة في تفسير المسيحيين لعقيدتهم في التثليث ولايخرج المتأمل في أقوالهم بنتيجة تذكر ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :

 

1 ـ يقول " إكلمينص " مدير مدرسة اللاهوت بالاسكندرية ـ القرن الثاني الميلادي ـ : " ليس كل أقنوم عين الآخر ، ومع ذلك فان الأقانيم ليسوا ثلاث ذوات ، بل هم ذات واحدة ، لأن جوهرهم واحد وهو اللاهوت ".

2 ـ يقول " آموري بين " ـ القرن الثالث عشر الميلادي ـ : " الأقانيم الثلاثة ليست هي الله ، بل هي كائنات سامية خلقها الله أولا ، لتقوم بتنفيذ أغراضه ".

3 ـ يقول " ديونسيوس " بطريرك الاسكندرية ـ القرن الرابع الميلادي ـ : " الأب والابن والروح القدس هم الله ، لأن الله لاينقسم أو يتجزأ على الاطلاق ... لذلك لاينفصل أقنوم عن الآخر بأي حال من الأحوال ".

فهذه آراء وتفاسير بعض أعلام النصارى حول عقيدة التثليث وطبيعة الأقانيم ، وتوجد آراء أخرى لاتتفق معها بحال من الأحوال ، قد خبطوا فيها خبط عشواء ، وتقول الدكتورة مونتسدات : " كانت لي صديقة أسبانية مثقفة وواعية التجأت اليها لحل الأسئلة والاستفسارات التي كنت أعاني منها في معرفة معتقداتي ، فكانت تحدثني عن الإسلام والمسلمين ، وتشرح لي عقائدهم ومزاياهم وتسامحهم في التعامل ، لأنها كانت قد أسلمت من قبل ، وهذا ما غير الصورة المشوشة التي كانت عالقة في ذهني عن هذا الدين وأتباعه ، لأن نشأتي في الأوساط المسيحية لم تمكنني من الاطلاع التام على التاريخ الحافل للمسلمين في هذا البلد ـ أسبانيا ـ ".

 

آراء بعض النصارى حول تسامح المسلمين : قد شهد عدد من رجالات المسيحيين بسماحة المسلمين وحسن تعاملهم مع غيرهم من أهل الأديان الأخرى ، وكان منهم :

 

1 ـ " الكونت هنري دي كاسترو " حيث ذكر في كتابه ( الإسلام سوانح وخواطر ) : " لقد درست تاريخ النصارى في بلاد الإسلام ، فخرجت منه بحقيقة مشرقة ، وهي أن معاملة المسلمين للنصارى تدل على لطف في المعاشرة ، وترفع عن الغلظة ، وعلى حسن مسايرة ، ورقة ومجاملة ، وهذا احساس لم يؤثر عند غير المسلمين ، فان الشفقة والحنان كانا يعتبران لدى الاُوربيين عنوانا على الضعف ، وهذه ملاحظة لا أرى وجها للطعن فيها ".

2 ـ المستشرق " أرنولد " الذي قال : " من الحق أن نقول : ان غير المسلمين نعموا في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لا نجد معادلا لها في أوربا قبل الأزمنة الحديثة ".

3 ـ وقال : " غوبينو " في كتابه ( أديان آسيا الوسطى وفلسفتها ) : " أقول إلى حد الجزم : بأن لادين يضاهي الإسلام في التسامح ".

4 ـ وقال : بطريرك بيت المقدس : " إن المسلمين قوم عادلون ، ونحن لأنلقى منهم أي آذى أو تعنت ".

 

تعامل المسيحيين مع المسلمين في القرون الوسطى : ان الناظر للتاريخ يجد تعامل بعض المسيحيين مع المسلمين يباين ويخالف تماما الروح الانسانية ، خصوصا في المناطق التي خضعت للنفوذ المسيحي في القرون الوسطى ، فقد ارتكب المسيحيون مجازر رهيبة مع المسلمين ، واستخدموا أساليب وحشية كانت وما تزال وصمة عار وخزي في تاريخ الكنيسة وزعامتها الدينية.

فقد حفظ التاريخ في سجلاته قصص الموت الرهيب التي يتحاشاها أكثر المؤرخين والباحثين المسيحيين ، ويمرون بها مرورا عابرا وسريعا باعتبارها حقبة سوداء في تاريخهم ، ولكن مع ذلك قد سجل بعضهم هذه الاحداث الفظيعة التي جرت على المسلمين ، كان منهم :

 

1 ـ " غوستاف لوبون " ، حيث يقول : " كان بطرس الناسك على رأس أهم العصابات الزاحفة إلى الشرق ، ولكن لم تكد تصل إلى بلغاريا حتى بدأ أفرادها ينهبون القرى ، ويذبحون أهاليها ، ويأتون ما يفوق الوصف من الأعمال الوحشية ، فكان من أجن ضروب الله واليهم قتل من يلاقونهم من الأطفال المسلمين ، وتقطيعهم إربا إربا وشيهم ، كما روت ( آن كومنين ) ابنة قيصر الروم ".

2 ـ " الراهب روبرت "، حيث يقول : "... أحضر ( يوهيمند ) جميع الذين اعتقلوا في برج القصر ، فأمر بضرب رقاب عجائزهم وشيوخهم وضعافهم ، وبسوق فتيانهم وكهولهم إلى أنطاكية لكي يباعوا فيها ".

وأضاف أيضا : " حدث قتل المسلمين في يوم الأحد المصادف 16 ديسمبر ، وإذا لم يكن انجاز كل شيء في ذلك اليوم ، قتل قومنا ما بقي من أولئك في اليوم التالي ".

 

والجدير بالذكر : يقدر كثير من العلماء عدد المسلمين الذين قتلوا وذبحوا وأحرقوا منذ دخل " فرديناند " غرناطة ، وحتى أجلاءهم الأخير بثلاثة ملايين مسلم ، ولقد شن هؤلاء حربا ـ يزعمون أنها مقدسة ـ باركها ودعمها رجال الكنيسة بشتى الصور لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين ، ولكنهم فشلوا مع ذلك في تحقيق أغراضهم ، وقد أقر بذلك المبشر " غاردنر " بقوله : " لقد خاب الصليبيون في انتزاع القدس من أيدي المسلمين ، ليقيموا دولة مسيحية في قلب العالم الإسلامي ، والحروب الصليبية لم تكن لأنقاذ هذه المدينة ، بقدر ما كانت لتدمير الإسلام ".

 

التحرر من التيه المظلم : تقول الدكتورة مونتسدات : " لقد كنت احمل نظرة مشوهة عن المسلمين ، شأني في ذلك شأن بقية الأوربيين بشكل عام الا أن انكشاف الحقائق وتعرفي علي بعض الوقائع التاريخية من قبل صديقتي ، غيرا كل ذلك.

واستمرت اللقاءات بيني وبين صديقتي ، وبمرور الزمان ازدادت معرفتي بالإسلام ، وكانت صديقتي تحمل معها نسخة من القرآن الكريم ، وكانت تستشهد بآياته أثناء الكلام ، وأهدتني مصحفا وبعض الكتب الإسلامية ، فبدأت أقارن بين القرآن والإنجيل ، فعرفت خلال ذلك جملة من الأمور ، منها انسانية عيسى المسيح (ع) وعدم الوهيته ".

 

ومن العجب أن يدعي النصارى أن النبي عيسى (ع) هو الأب ـ الذي هو الخالق عندهم ـ في حين أننا نجد أن الإنجيل يقرر حقيقة كونه رجلا مخلوقا قد من الله عليه بالكرامة ، حيث يؤكد بطرس ذلك بقوله : " يا بني إسرائيل ، اسمعوا هذا الكلام : ان يسوع الناصري رجل أيده الله بمعجزات وعجائب أجراها على يده بينكم ، كما تعلمون ".

لكنهم يناقضون أنفسهم بأنفسهم لأن أي شخص ولدته أمه لايمكن أن يكون إلها ، وهذا ما يقول به الإنجيل أيضا ، ونبي الله عيسى (ع) أمه السيدة مريم بنت عمر إن ، فأين الوهيته من هذا القول ، وتناقضاتهم بوصفهم لعيسى (ع) تارة بـ ( ابن الانسان ) وأخرى بـ ( ابن الله )،  حيث جاء وصفه بأنه ابن الانسان 83 مرة ، وأنه ابن الله 13 مرة في العهد الجديد.

 

وفي الحقيقة أن النبي عيسى (ع) مبعوث من قبل الله تعالى ، والادعاء بأنه رب أو شريك له يفنده الواقع ، وقد أبطله عيسى (ع) بنفسه عندما أقر بعدم علمه بيوم القيامة ، حيث جاء في الإنجيل عنه (ع) : " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ، لا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الأب ".

 

الكنيسة وطقوسها المبهمة : تقول الدكتورة مونتسدات : " بدأت تتضح لي الحقائق أكثر فأكثر يوما بعد آخر ، وبقدر ماكانت تتسع مطالعاتي ومناقشاتي كنت أصل إلى حلول مقنعة للأسئلة والاستفسارات في خلدي من مسائل واستفسارات ، كما تبين لي أن العقيدة الإسلامية عقيدة سهلة سمحاء ، لا يشوبها ذلك التعقيد الذي تلبست به المسيحية " ، وقد أقر بهذا التعقيد المسيحيون أنفسهم.

إذ يقول " رونالد بنتون " صاحب كتاب ( الكنيسة من النشوء إلى القرن العشرين ) : " وتكاد تكون أكثر الأديان السماوية والوضعية تعقيدا ، وقد علمها عيسى (ع) دينا بسيطا سهلا ، ولكن التعقيد طرأ عليها بعد ذلك ، حتى أصبح عسيرا جدا فهم كثير من مبادئها ، وحتى أصبح غموضها طبيعة واضحة فيها.

 

ويقول أيضا : ان المسيحية بدأت بسيطة ولكن الناس عقدوها بعقائد صعبة عصفت بها ".

ولكثرة تعقيد المسيحية أصبحت لاتوضح مقصودا ، فهي عبارات وفقرات انشائية غامضة لا أكثر ، وخلاصة القول بخصوص العقيدة المسيحية في التثليث كما يقول القس وهيب عطا الله : " ان التجسيد قضية فيها تناقض مع العقل والمنطق والحس والمادة والمصطلحات الفلسفية ، ولكننا نصدق ونؤمن أن هذا ممكن حتى ولو لم يكن معقولا ".

 

انتشال النفس من الأوهام : ومن هذا المنطلق تقول الدكتورة مونتسدات : " اعتنقت الإسلام ، عن وعي وبصير ، فأحسست بعد ذلك بالراحة النفسية عندما لامست روحي شفافية هذا الدين ، المتجلية في عقيدته السمحاء ، وعبادته التي تنمي الروح الخيرة المحبة الصادقة في الانسان ، فتغيرت نظرتي للمجتمع وللكون والحياة تبعا لذلك ، واني أحمد الله تعالى إذ هداني للدين الحق ، وأنقذني من ظلمات الشرك والظلال ".

 

العودة لصفحة البداية

العودة لفهرس المستبصرين